رواية
تيسير نظمي
2004
وقائع ليلة السحر
1- في وادي رم
المكان
وادي رم غارق بجباله ورماله الصحراوية الناعمة بالظلام الحالك ، والسماء احتفالية بملايين النجوم ، بعضها قريب جداً من لمح البصر، والآخر صغير جداً يسعى منذ ملايين السنين سابحاً في الفضاء يغذ الخطى نحونا ، في حين أن نجوماً أخرى غطست واختفت عن كل الإمكانيات العلمية غير القادرة على تحديد أماكن غطسها الفضائية بحواسيب السنين الضوئية، مما يدلل أن الكون ليس له آخر، هنالك مئات النجوم التي تركت لنا ضوءها ونراها رغم أنها حسب ممكنات اللغة البشرية يقال عنها أنها (ماتت) وبالمقابل فإن مئات أخرى من النجوم أرسلت ضوءها لنا قبل أن تصل إلينا سابحة بسرعة عجيبة في الفضاء نحونا، وهكذا يصعب في لغتنا تحديد النجوم( الميتة) من النجوم التي (تولد) في الكون الذي ، حسب النظريات العلمية ، يزداد اتساعاً ، كل رمشة عين.
الحدث
كائن فضائي غريب عجيب يهبط خلسة ، بخفة متناهية في وادي رم قبالة المرتفع الجبلي الذي وضعت على صخوره آلات موسيقية ضمن احتفاليات مهرجان جرش الـ23 لصيف عام 2004 بعد الميلاد ، في العتمة الحالكة وفي السكون الصامت كالموت اختفى الكائن الفضائي تماماً فلم يعد ممكناً تحديد مكانه إن كان بين شقوق وأخاديد المرتفعات الصخرية المنحوتة كالألواح السومرية أو المتشكلة كألواح موسى وكتابات التوراة ومخطوطات البحر الميت أو في الرمل الناعم الذي ورثه وادي رم من المحيطات والبحار القديمة التي جفت قبل أن يجف النفط بملايين السنين.
الركاب
1- مسئولة الرحلة المكلفة من قبل إدارة مهرجان جرش السيدة - شقيقة الفنانة التشكيلية التي كانت في تلك الفترة تقيم معرضاً لإنتاجها الفني في المركز الثقافي الملكي ووالدة الفنان العازف الموسيقي المسؤول عن فرقة وادي رم الموسيقية-. 2- صحفية من أمانة عمان تنشر في (الرأي) الأردنية و (القدس العربي) 3- ثلاث شاعرات أجنبيات الأولى من رومانيا والثانية من ايرلندا والثالثة من أسبانيا وأسماؤهن على التوالي: روديكا – شيند –جوزيفا. 4- شعراء عرب وصحفيات عربيات من لبنان وسوريا ومصر والأردن ، يذكر من المشهورين منهم أحمد الشهاوي الذي يعمل في جريدة الأهرام المصرية وخفيفة الظل هيام الحموي التي عملت لإذاعة مونت كارلو، ومنذر مصري شقيق القصيدة مرام المصري التي لم تحضر ذلك المهرجان وأمجد ناصر مدير تحرير(القدس العربي) وآخرون من(الرأي) سابقاً ومن(الدستور) و(العرب اليوم) الصحف الأردنية المعروفة حتى تاريخه. 5- سائق الباص وشخص لم تتحدد صفته تماماً لا الإدارية ولا الوظيفية ولا الفنية لكنه ظل طوال الرحلة من عمان لوادي رم يجلس بجانب الشاعرة والمترجمة والباحثة روديكا أستاذة الأدب العربي في جامعة بوخارست ولها ملامح عربية أو يونانية لا تحيلك إلى شمال ووسط أوروبا على الإطلاق مثل شيند الشاعرة الأيرلندية التي لا تجيد اللغة العربية والسريعة الاندهاش بالمكان والزمان.
الوقائع الممكنة والمرفقات
توقف الباص السياحي المكيف عند غروب الشمس في نقطة استراحة على مدخل وادي رم وترجل منه الركاب لقضاء حاجاتهم قبل أن تنقلهم الجيبات – حوالي ثمانية – على ظهروها المكشوفة لسماء لم تتضح نجومها بعد ولجبال صخرية تقف في العراء الرملي الصحراوي لم تتكشف منحوتات الزمان على صخورها للمشاهدين بعد . الشاعرات الأجنبيات الثلاث والشخص أقلهم بيك أب واحد يمخر الرمال ويثير الغبار من حوله كبقية الوانيتات – جمع بيك أب أو جيب- التي تراكضت في عجاج واحد نحو المكان المحدد والخيمة المنصوبة لاستقبال أفراد الرحلة في أسفل الجبل المعد خصيصاً لملأ الصدى بالموسيقى والأحاديث الشاعرية الهامسة. شيند هتفت لدى مشاهدتها لأول جمل في حياتها بفرح طفولي: Baby camel ، مما أضحك الشخص، أما جوزيفا الأسبانية ذات الملامح التي تذكرك بمن تبقى من العرب في الأندلس فبقيت صامتة ولكن بعيون يقظة مفتوحة على المشهد مستقبلة بين الحين والآخر حديث روديكا معها باللغة الفرنسية أو حديث شيند المنشغلة بدهشتها الدائمة. جوزيفا وجدت ما يعوضها عن التحدث بالإنجليزية أو العربية في كاميرا صغيرة شرعت تلتقط بها الصور للمكان وزملاء الرحلة. روديكا والشخص يتبادلان عبء العناية بالمياه المعلبة بالبلاستيك ولا يكفان عن الضحك لأسباب مجهولة تثير فضول من لا يضحك أو مشاعر من ليس لديه القدرة على الضحك أو الإضحاك.
العشاء ما قبل الموسيقى
ترجل الجميع من الجيبات- العربات الصغيرة- متجهين بأمتعتهم نحو الخيمة – بيت الشعر – تشغل جلبتهم وفضول بعضهم للمكان هدأة الصمت الذي أضاءته قناديل غازية ورائحة الشواء على الفحم وطاولة متواضعة لتناول المقبلات. انشغل الجميع بتناول طعام العشاء وتبادل المشورة والصحون واستقبال النداءات في هدأة ليل استثنائي. البعض شرع يخرج من الخيمة متسلقاً مرتفعاً رملياً يسلبك حذاءك إن لم يكن مكيناً ومعداً للرحلات من فرط نعومته التي تنغرس بها الأقدام وتسلبك بعض خطواتك للأمام فتتعثر في رمل ناعم لا مكان فيه لكائن فضائي لا تلحظه العين. النداءات بدأت تتعالى على أسماء متباينة اللهجات واللغات واللكنات كي لا يفقد أحدهم الآخر. هكذا كنت ستسمع: - شيند أين أنت؟ - روديكا هل لديك ماء؟ - هل شربت بيبسي؟ - أشباح من تلك التي اختفت؟ - أرجوك لا تزعجنا بضوء الموبايل ؟ - هل من أحد لم يأكل بعد؟ وفجأة بدأ رذاذ الموسيقى يتساقط خفيفاً مع صوت يشبه الأنين الغامض لسحر خليفة قادماً من أزمنة سحيقة موغلة في القدم. بدأ يصحو المكان في أوقات يفترض فيها أن يكون نائماً في سابع نومة، وبعمق التاريخ ظل سؤال شيند للشخص دون إجابة عندما زل لسانه قبل قدميه في الرمال متذكراً سيزيف مع كل إطلالة جبل صخري . وما كانت روديكا في حاجة لأن تسأل عن بروميثيوس حيث كانت تتبادل مع الشخص نفس القداحة ، ومع إشعال كل سيجارة في عراء النسيان ربما كانت جوزفينا فقط بحكم أنها لم تتكلم بعد ولم تلتقط ما يكفي من الصور بعد ولم تلق بأشعارها في مركز الحسين الثقافي بعد، بحاجة لتفهم السيد بلوم أو التحليق عالياً في فضاء ستيفن ديدالوس مستدلة بين الحضور على دون كيشوت أو مستفسرة من شيند عن دبلن أو عن تاريخ فقدان سانشوبانثا الطيب إن هو دفن في قرطبة أم غرناطة أم في مكان آخر من الجزر اليونانية أم أن رذاذ وزخات الموسيقى تناهت إلى مسامع السيدة مور في كهوف مارابار الهندية فخرجت عن صمتها الأبدي لتقول كلمتها الأخيرة للسيد لورانس العرب ، لكننا لم نعلم عن كل ذلك شيئاً برغم استمرارية صدور الصحف الأردنية بل والتي زادت جريدة جديدة خامسة ويومية بعد أيام قليلة من تلك الرحلة. أما ما يدعى بالفضائيات فقد كانت منشغلة تماماً بالأرواح التي تزهق في العراق وفي فلسطين وفي أماكن أخرى على سطح هذا الكوكب الصغير. وبرغم افتتاح الشاعر محمود درويش لمهرجان الشعر ذلك العام ذلك الصيف وانشغال اليونان الحديثة بالاستعداد للأولمبياد ففي تلك الليلة ما قبل إغلاق الحكومة العراقية لمكتب قناة الجزيرة في بغداد وتصريحات رامسفيلد ، تضاربت الأنباء واختلفت الأقاويل عن اللحظات الحرجة التي كادت فيها إسرائيل أن تستخدم أولى قنابلها النووية لولا لحظات من ضبط النفس خشية أن تكون الصين على علم هادئ صبور ويقظ بصحوة فينجانز أو بوصول الكائن الفضائي الذي تم اختطافه منذ حضارة السومريين أو بالكائن الفضائي المتخفي منذ زيارة سيدنا إبراهيم لبيت نينورتا قبل أن تصبح أورشليم أوالقدس وقبل ظهور أول آلهة الكنعانيين ورفرفة أشرعة الفينيقيين باتجاه المدينة التي منحت فيما بعد اسم أثينا القديمة من مفردة بابلية، أي للتوضيح فقط ما قبل تسمية إحدى مناطق عمان بطبربور، وبكل تأكيد ما قبل الزلزال الذي أصاب المنطقة في أواخر العشرينيات من القرن الماضي وما قبل الجرف القاري الذي خسف منطقة البحر الميت وما قبل تسرب مخطوطاته لخزانة إسرائيل السرية أواسط القرن العشرين. في تلك اللحظات الحرجة ما بين الفضاء الكوني غير المحدد والمكالمة الهاتفية الخلوية التي التقطها الكائن الفضائي بين مسئولة الرحلة ومدير المهرجان كادت تقع الكارثة باصطدام كوكب مجهول بكوكب الأرض لولا تدخل آخر من تبقى من حضارة المايا في الأمر حرصاً على ما تبقى من حضارة كريت. ولولا أن المعلومات حتى تلك اللحظة لم تكن واضحة تماماً للسي آي إيه لحدث لوادي رم والأغوار الجنوبية والعقبة ما حدث لهايروشيما وناغازاكي وأفغانستان والعراق، فما الذي حدث تقريباً أثناء عزف فرقة رم لموسيقاها ؟ هذا ما تضاربت حوله الأقوال.
الرواية الثالثة
توجهنا بالسؤال للصحفي الأردني المقيم في لندن عن مجريات الأمور في تلك الليلة فقال أن كل شيء كان اعتيادياً وأن الأمسية الشعرية التي كان مقرراً لها أن تنعقد في مساء ذلك اليوم تم تأجيلها لحين التأكد من توقيت "عودتنا" من رحلة وادي رم إلى عمان حيث كان على جدول تلك الرحلة أيضاً أن نزور البتراء في طريق "عودتنا" من الليلة التي نباتها في وادي رم فتم تأجيل الأمسية الشعرية التي كان يفترض أن تلقي فيها روديكا قصائدها لليوم التالي لأننا وصلنا متعبين إلى عمان في وقت يتجاوز الرابعة مساءاً بتوقيت الأردن وأوضح قائلاً: أيضاً كان لدى روديكا الرغبة في إلقاء قصائدها في بيت الشعر الأردني لعلاقته بالمكان في إحدى قصائدها وتم تحقيق ذلك لها خلافاً للمكان الآخر الذي تنعقد فيه باقي الأماسي في مركز الحسين في أمانة عمان.
الرواية رقم 22
أحمد الشهاوي – من مصر – أكد من جانبه الرواية الأردنية السابقة وأضاف أن مغادرة روديكا للقاهرة ، بعد الرحلة و بعد إلقاء قصائدها، كانت وفق التزامات مسبقة بعمل يخصها قبل عودتها من عمان إلى بوخارست . وعن تلك الليلة قال: الغالبية سهرت حتى الساعات الأولى من الفجر لكن الشخص ربما كان آخر من لم يستطع الإغفاء تلك الليلة حيث سألته إحدى الصحفيات اللبنانيات إن كان سيحضر حفلة نانسي عجرم هذه السنة أم لا وكانت إجابته لطيفة عندما أدرك أن عينها جافاها النوم وأن سؤالها لمجرد قطع المسافة ما بين السهاد والإغفاءة ومن المحتمل أن تكون قد غفت السائلة قبل أن يدرك الشخص النوم.
الرواية رقم 25
هيام الحموي ضحكت وضحكت من احتمال ظهور الكائن الفضائي تلك الليلة ولو للحظات او ثوان كانت فيها منشغلة التفكير بنكتة جديدة تبادلتها مع الشخص الذي كان منتبهاً لرياضتها الصباحية بالتمشي أمام الخيمة حيث أن الشخص نهض أيضاً من الاستلقاء في مكان يمكنه من حراسة أفراد الرحلة النائمين أو النص نص أو الغافيين أو الحالمين فألقى عليها تحية الصباح والتقطت له صورة وهو جالس على حجر مثلما التقط لها بكاميرتها بعض الصور ومن خلفها بدت جبال رم في هدأة الصباح الباكر قبل أن تظهر الشمس الحارقة وبعد أن اختفت كل النجوم ووضحت السماء الزرقاء.
الرواية رقم 13
صحفية رفضت ذكر اسمها قالت سمعت مدام (...) رفضت تحديد الاسم أيضاً تعتذر من الشخص وهو منكسر تماماً وربما حزين جداً ولا أدري لماذا . ولم يعتذر الشخص أبداً عن أي شيء فقد سمع الاعتذار منها وظل صامتاً وربما كان منصتاً للموسيقى وربما لم يكن، لأنني لمحته ،قبل أن تأتيه بمكالمة من هاتفها الخلوي لتسمعه الشخص الآخر على الخط ، يرقص صامتاً ووحيداً مثل شبح في الظلام رقصة غرائبية كأنه كان يحاول الصعود ثانية للسماء قبل أن يلقى به على الرمال سابحاً في صمتها.
الرواية رقم 18
شاعرة رفضت ذكر اسمها أيضاً أكدت الرواية رقم 13 وأضافت: المدام هددت على مسمعي بالاتصال بمن يأتون ليعيدوه إلى عمان وقد اتصلت فعلاً بمدير المهرجان تبلغه أنه يقوم بإزعاج المشاركين المدعويين وهذا ما لم يحدث فقد كنت على مقربة منه وكل ما بدر منه أنه ربما تفاعل مع الموسيقى بطريقته الخاصة فلاذ بمساحة صغيرة من الرمل ليرقص صامتاً ويلف كما تلف الكرة الأرضية لكنه بكل تأكيد كان على مقربة من نجوم السماء الواطئة وخلف المدام بأمتار بمساحة القبو الذي كان يسكنه وطمرته الوحول ولو لم تلتفت المدام خلفها لما لحظته أبداً حيث كانت منشغلة بمتابعة الموسيقى في الجبل قبالتها ربما بعينيها أكثر منه بأذنيها وعموماً ليس من اللائق أن أعلق بشيء على ما حدث فأنا ضيفة على المهرجان وعلى البلد ولكن مثل هذا التصرف نادراً ما يحدث في بلادنا لأن الشخص لم يأت بما يستدعي التهديد والوعيد ولا تلقيه مكالمات التهديد الناعم ولا ما يستحق الاعتذار وأظن أن المهرجان بدأ افتتاحه بقصيدة "لا تعتذر عما فعلت" فهل يعتذر الرجل في بلادكم عن الرقص؟
الرواية رقم 15
صحفية لبنانية تتحفظ على ذكر اسمها حالياً وخاصة خلال العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين قالت بانفعال: لم أدرك مغزى ما حصل تلك الليلة في تلك اللحظات الحرجة إلا عندما قرأت كتاباً في تفسير الأحلام وآخر في تناسخ الأرواح وبت الآن مقتنعة أن روح أنطوني كوين حلّت في ذلك الشخص في تلك الليلة في تلك الساعة لهنيهات معدودة ثم عادت للسماء وعندما شاهدت أفلام أنطوني كوين أصابتني الحيرة مما أدركته فجأة بعد فوات الأوان فقد تهيأ لي أيضاً أنها ربما لم تكن روح أنطوني كوين تلك التي حلّت بجسد الشخص ليلتذاك وإنما روح عمر المختار أو روح زوربا اليوناني لا أدري فأنا لست مدعية ثقافة وسينما وقراءة كتب، بحكم السن ربما.. لكن قولوا لي لماذا كل هذه التساؤلات فقد قضينا في بلدكم أوقاتاً جميلة نتمنى أن تتكرر؟ فقلنا لها أن الأمر بات أخطر ما تظن وأن بعض الفضائيات التي وصلتها بعض التقارير الإخبارية طلب منها عدم بثها الآن لحين تسوية بعض الأمور وتعديل بعض الفقرات وشطب فقرات أخرى.
رواية رقم 2
أجهزة رصد الزلزال سجلت تلك الليلة ترددات غير عادية أمكن حصرها فيما بعد بين مفاعل ديمونا وإيران شرقاً ومنطقة جبال عسير جنوباً ومنطقة المكتشفات الأثرية في لبنان شمالاً أما هواة علم الفلك فقد لاحظوا هم أيضاً تحركات غير اعتيادية بين النجوم تقول عرافة عنها أن لها علاقة بسيرة حياة العراقي سمير نقاش الذي توفي في بتيح تكفا ذلك الشهر وتشرح أن روحه الطاهرة أربكت ما هو متفق عليه من مسافات بين بعض الكواكب نتيجة لسيرة حياته التي خلت من أية زيارة لوادي رم أو جبال عسير أو البتراء أو حتى تل العمارنة وبعض الكهوف المحاذية للبحر الميت. وتقول تلك العرافة أن بعض الأرواح التي تتآلف دون أن تلتقي على هذا الكوكب تحاول إحداها أن تقول كلمتها الأخيرة قبل الحلول لروح أخرى تكاد أن تزهق، وأن التشابه ما بينها في العذابات يملي عليها الوفاء كل لما شابهه من الأرواح حتى لا تبقى كل واحدة معزولة عن الأخرى قلقة وحائرة للأبد دون أن تخلد خلودها النهائي في السكينة والظل، الأمر الذي- حسب العرافة – قد يتسبب ببعض الكوارث عندما تتدخل بعض الأرواح الشيطانية في الأمر، وتقول العرافة عن الكائن الفضائي الذي قيل أنه هبط في عتمة وظلام مرتفعات الوادي الصحراوي وصعب تحديد موقعه وكيف هبط ومتى ارتفع أنه ليس بالضرورة أن يكون فضائياً، أو من خارج هذا الكوكب فتكفي أحياناً الاستنارة بعد طول عذاب لإقامة الاتصال الروحي حتى بين الميت والحي والحي والميت، ولم تستبعد العرافة أن محاولة روحية وقعت تلك الليلة بين بحرين كالبحر الأحمر والبحر الميت، فقد عانى البحر الميت من العطش الأزلي والتوق للحياة البحرية خاصة وأنه لا تفصله سوى مسافة بسيطة عن الآخر الذي تزهو به أسماك وكائنات بحرية ملونة كما أن البحر الأحمر متحفز دوماً بحكم ذاكرته السحيقة لمد يد العون لجاره الميت كقدر من أقدار الطبيعة والهزات الأرضية القديمة والأجراف القارية، وتناوب الأزمنة والعصور وتقول العرافة التي امتلكت معرفة غير قليلة بالأساطير أن لبحيرة طبريا إله ذكر اسمه طبر يربض منذ زمن فوق منطقة بور، لكنها تشك بمدى معرفة الأردنيين لتلك الأسطورة وأن التسمية لإحدى مناطق عمان باسم حمل التشابه كان تسمية عفوية لا تدرك الأبعاد والدلالات الكامنة في تلك التسمية لأن طبر لا يستبدل بحيرة جميلة ساحرة بأرض بور على نحو عكس تلك العلاقة القائمة بين عشتار وتموز منذ الأزل. كما أن روح سمير نقاش لا تهيم فوق من ينكرها وينكر عليها الذات في الحياة وفي الممات، فإذا كان هنالك من بين رواد الرحلة إلى رم من يتوق أو حتى من كان يتوق أو تروم روحه لروح أخرى في بتيح تكفا أو العكس فإن هذا – حسب العرافة – يفسر كثيراً مجريات ما قيل من مختلف الروايات عن سحرية تلك الليلة التي لا تشبه أية ليلة من ليالي الحياة لفرد أو لفردين، لعاشق أو لعاشقين، للسارق والمسروق، العاشق والمعشوق، بغض النظر إن كان نجماً أو سماءً أو كوكباً أو جبلاً، فالمهم أن لحظة الهيام ابتدأت سواء بالموسيقى أم بنبض القلوب أو حتى بالعلاقة بين النجوم في السماء أو ما بين الإنسان ونقوش الجبال بفعل الطبيعة والزمان، وليس غريباً أن قلباً عاشقاً اختطف جبلاً تلك الليلة للحظة أو لحظتين ثم أعاده إلى مكانه دون أن يقلق الآخرين، فلحظات الهيام تجعلك تسرق الكون وليس جزيرة كريت أو رقصة زورباوية فلسطينية فوق رمال الصحراء وحسب، فماذا لو سرق الشخص إسرائيل من ذاتها تلك الليلة ليقول لسمير نقاش وداعاً أيها العراقي النبيل دون أن يحتفظ بحيفا ويافا لنفسه حيث أن جيوبه لا تتسع لموبايل مغلق، ماذا لو....
رواية الشخص
عزيزتي روديكا,,
|